حتى الدببة تخاف من الحياة العصرية
عندما تتكلم الحيوانات بلسان الإنسان فلابد وأن تقول شيئاً يهم أكثر مما يهمها، هذا ما نقرأه فى أدب الأطفال وما نشاهده فى الغالبية العظمى من أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة، لكن هذا لم يكن واضحاً فى فيلم الأنيميشن الجديد We Bare Bears: The Movie أو الدببة الثلاثة فتارة يخيل إليك أن الفيلم يتحدث عن دببة حقيقية، وتارة تشعر أنه يرمز للأجناس المختلفة التى تعيش فى أمريكا وإلى قضية المهاجرين، وتارة أخرى تتساءل لماذا أبطال الفيلم دببة وليسو شباباً.عرض الفيلم على المنصات الرقمية نهاية الشهر الماضى فى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وهو من إنتاج استوديوهات نت وورك كارتون، وهو فيلم كوميدى عائلى يناسب الأطفال والكبار ويعتبر الفيلم امتداداً لمسلسل الرسوم المتحركة We Bare Bears والذى بدأ عرضه عام 2015، ويدور حول ثلاثة دببة يعيشون مع البشر فى مدينة «سان فرانسيسكو» الأمريكية ويخوضون مغامرات عديدة.
فلاش باك
يبدأ الفيلم بفلاش باك يذكر باللقاء الأول الذى جمع الدببة الثلاثة «جريزى» و«باندا» و«آيس بير» وهم صغار على قضبان القطار، وعندما اقترب القطار حاول الدببة تجاوزه، ثم يستيقظ الدببة فى الوقت الحاضر ويتذكرون حضور افتتاح شاحنة طعام كندية جديدة فى «سان فرانسيسكو» يطلق عليها اسم «بوتين»، وبينما هم فى الطريق يتسببون فى إزعاج كثير من الناس فى المدينة حتى يصل الأمر إلى الضابط «مورفى» والذى لا يجد سبباً قوياً لمعاقبتهم.
لكن إزعاج الدببة يزداد، عندما يشعرون بالغضب من الدب الشهير «الكوالا نوم نوم» فيقررون أن يصبحوا نجوماً على مواقع التواصل ولكنهم يسببون المزيد من الإزعاج من جديد ويؤدى إزعاجهم إلى انقطاع التيار الكهربائى.
فى ذلك الوقت يظهر العميل «تراوت» وهو أحد العاملين فى مجال المحافظة على الطبيعة، والذى يشير إلى أن وجود الحيوانات البرية فى الأماكن العامة ليس أمراً عادياً وأن الدببة يجب أن تعود إلى بلدانها، ويوافق الناس على ذلك، ويتم القبض على الدببة ويوضعوا فى سيارة الشرطة.
أما أصدقاء الدببة الأوفياء كلوى، داريل، تايبس ولوسى فيعارضون أمر القبض على الدببة الثلاث، وتخطف حيوانات الغابة سيارة الشرطة ويغيرون شكلها لتشبه شاحنة «بوتين» المنقوش عليها رسوم جرافيتى، ويتوجهون بالسيارة إلى الغابة، ويقترح جريزى على أصدقائه الهروب إلى كندا، لأن الناس هناك يحبون الدببة، فيرفض «باندا» الفكرة فى البداية، لكنه يغير رأيه ويشقون طريقهم إلى كندا.
تنجح الدببة فى الهروب من رجال العميل «تراوت» الموجودين فى محطة تفتيش، ويجد الدببة أنفسهم فى حيرة حيث يختلفون حول الطريق الذى يجب أن يسلكوه للوصول إلى كندا ويصطدمون بشاحنتهم بالقرب من حقل ذرة، ثم يجدون احتفالاً مليئاً بالحيوانات المشهورة على الإنترنت مثل الدب «الكوالا نام نام»، وتدعوهم بقرة للاحتفال، ولكن تفاجأ الحيوانات عندما يعلمون أن الدببة ليسوا نجوم إنترنت، فالحفل خاص فقط بالمشاهير من الحيوانات.
يشرح الدببة وضعهم بشكل مؤثر، فتتعاطف الحيوانات معهم وتسمح لهم بالبقاء، ولكن أحد المشاهير يخبر العميل «تراوت» بمكان الدببة، ليزداد عدد مطارديهم، لكن الدببة يتمكنون من الفرار.
وعندما يصل الدببة إلى الحدود الكندية، يكتشفون أنهم لا يستطيعون الدخول لعدم امتلاكهم جوازات سفر، فيشعرون بالغضب والإحباط، ويصطدمون ببعضهم البعض، ثم يصل العميل «تراوت» ورجاله ويلقون القبض عليهم بكل سهولة، ويصرح «تراوت» عن نيته فى إرسال الدب «باندا» إلى الصين، وإرسال «آيس بير» إلى القطب الشمالى، وأن يتم وضع الدب «جريزى» فى زنزانة مع دببة أخرى غير ناطقة، وحينئذ يتذكر «جريزى» أنه قدم وعداً فى اليوم الذى التقى فيه بصديقيه «باندا» و«آيس بير» أنهم سيكونون «إخوة إلى الأبد»، وفى نوبة غضب يقوم «جريزى» بكسر حديد الزنزانة، ويطلق الدببة الأخرى حيث يسارعون لتحرير «باندا» و«آيس بير».
وفى نفس الوقت يصل الضابط «ميرفى» بواسطة هليكوبتر لإنقاذ الدببة الثلاثة، فتقرر بقية الدببة حشد أكبر تجمع للدببة، ليشاهده مراسلو الأخبار والجمهور، ويقوم الضابط «مورفى» بالقبض على العميل «تراوت»، وتنجح جميع الدببة فى الهروب بعد ذلك، وينظر إلى الدببة على أنهم أبطال، ويتم احتجاز «تراوت»، وتعود الدببة إلى وطنها فى سان فرانسيسكو، حيث يبدأ الجميع فى تقدير وجودهم فى مجتمعهم.
أحبه الآسيويون
مؤلف ومخرج الفيلم «دانيال تشونج» أمريكى من أصول آسيوية، وتشير التقارير إلى أن الأمريكيين الآسيويين أحبوا الفيلم كثيراً، فقد برزت خلال أحداث جوانب عديدة من الثقافة الآسيوية، مثل الإشارة إلى حب «باندا» لموسيقى البوب والدراما الكورية، وزيارة الدببة المنتظمة إلى متجرهم الآسيوى المفضل، وقدرة الدب «آيس بير» الرائعة على تحدث اللغة الكورية بطلاقة وطهى الأطباق الكورية التقليدية.
وعندما تم عرض المسلسل الذى يعتبر الفيلم امتداداً له، على شاشات التليفزيون فى جميع أنحاء العالم، أصبح من الواضح تركيزه على فكرة دمج الموضوعات المحيطة بثقافة البوب الآسيوية بالإضافة إلى التجارب المستمدة من حياة المخرج «دانيال تشونج» الشخصية، ففكرة السلة على سبيل المثال من اهتماماته، وهو يصرح بذلك ويؤكد أن المسلسل والفيلم شخصى للغاية ويمثل فى الحقيقة كل ما يحبه ويشير إلى هويته، كما ظهر استخدامه المتكرر لموسيقى الهيب هوب.
وعلى الرغم من أن المؤلف والمخرج «دانيال تشونج» ليس كورياً، بل تعود أصوله إلى سنغافورة، إلا أن الفيلم تضمن إشارات لا حصر لها للثقافة الكورية، واستغل فى ذلك حب الجميع فى أمريكا للدراما الكورية وموسيقى البوب وغيرها من المفردات الثقافية الكورية.
ولم تعترض الشركة المنتجة عندما أراد المؤلف إضافة شخصية كورية وهى شخصية «كلوى» للفيلم، وهى فتاة كورية درست فى أمريكا، ورغم صغرها إلا أنها نابغة ولا تملك أصدقاء، وتتعرف على «جريزى» و«باندا» و«آيس بير» ويصبح لديها أصدقاء كثر.
ورغم تركيز فيلم We Bare Bears: The Movie على قضايا الهجرة والخوف من مطاردة إدارة الهجرة، إلا أنه حافظ على الصفات المعروفة للدبة الثلاثة التى ظهرت فى المسلسل الأصلى We Bare Bears، فاستمر الدب «جريزلى» بشخصيته الاجتماعية للغاية، ولكنه ظل غير كفؤ اجتماعياً، وظلت لديه رغبة قوية فى أن يكون مقبولاً ومحبوباً من قبل المجتمع، وظل مهتماً برفاهية أشقائه الأصغر سناً.
أما الدب الأوسط «باندا» فظل رومانسياً ميئوساً منه، يغير شخصيته على الإنترنت ليُنظر إليه على أنه «رجل رائع».
أما «آيس بير» فهو الدب القطبى وأصغر الإخوة. وهو رتيب، ولديه مجموعة متنوعة من المهارات التى تثبت فائدتها فى المواقف.
يطرح الفيلم عدة قضايا مهمة ومنها الحياة المعاصرة، وتوغل العوالم الافتراضية والتى تجعل من لا يعيش فى هذه العوالم ويكتفى بالعيش فى الواقع الحقيقى، يعانى ويشعر وكأنه مهمش أو منبوذ.