تقاريرسينما

«سينما الجبل».. عندما تنتصر السينما لحــــــــراس الطبيعــة فــى «شلالات أوزود»

Post Visitors:140

على مدار خمسة أيام كاملة عاشت منطقة “شلالات أوزود” بإقليم بنى ملال التابع لمنطقة الخنيفرة بالمغرب حالة من السعادة بعد أن انطلقت فعاليات الدورة الأولى لمهرجان سينما الجبل الدولى، الذى انعقدت فعالياته فى الفترة من 4 إلى 8 سبتمبر الحالى بمشاركة 14 دولة من بينها إيطاليا وفرنسا والسنغال والمغرب وتونس والعراق وغيرها.

نقطة البداية
بدعوة من مؤسسة صوت الجبل للتراث والتنمية المستدامة، و»بهيجة سيمو» رئيس المؤسسة ورئيس المهرجان، وكذلك المخرج القدير «عبداله الجوهرى» المدير الفنى للمهرجان، كنت شاهدا على انطلاق النسخة الأولى من مهرجان سينما الجبل السينمائى الدولى، هذا المهرجان الفريد من نوعه فى عالم المهرجانات السينمائية الدولية، كان فى اعتقادى قبل حضور فعاليات المهرجان أننا بصدد مهرجان سينمائى جديد مثل باقى المهرجانات، ولذلك أعتذرت عن الحضور فى البداية، لكن مع إصرار الجوهرى حضرت، فأنا أثق تمام الثقة فى أى مشروع سينمائى ينظمه، فهو قيمة سينمائية كبيرة، وأعرف أن لديه الكثير ليقدمه للسينما العربية كلها، وليس فقط المغربية.
كانت عندى رغبة حقيقية لمعرفة سبب إصرار الجوهرى على حضورى تلك النسخة الأولى من المهرجان، لأجد الإجابة واضحة منذ أن وطأت قدماى منطقة «شلالات أوزود»، تلك المنطقة التى تبعد عن مدينة الدار البيضاء حوالى 300 كيلو متر والتى يستغرق الوصول إليها حوالى 5 ساعات كاملة تقضيها بين سحر الطبيعة المغربية جبال خضراء تعلوها أشجار الزيتون فى منظر بديع، رغم صعوبة الطريق والالتواءات الجبلية للوصول إلى تلك المنطقة الوعرة، إلا أن مناقشات الصحبة خلقت حالة من البهجة بيننا، فلم يشغلنا الوقت أو ساعة الوصول، فقط أنت فى حضرة الجبال الخضراء والزيتون والرمان وضحكات الصحبة واستحضار قفشات عادل إمام وأغانى عبد الحليم ونجاة وفيروز.
على مقربة من مطار كازابلانكا يقع فندق»الإقامة» الذى كان نقطة تلاقى الوفد المشارك فى المهرجان، تلك المهمة التى تصدى لها «عمر بن حمو» وفريق عمله، الذى يضم «فيصل» صاحب الوجه البشوش وهو مدير إضاءة محترف، و»محمد» سائق الحافلة، و»سيراط» أحد أقطاب تنظيم المهرجان.
ساعة واحده لتجد نفسك وسط ملتقى عربى وأفريقى ودولى أيضا، حيث وصل لنا المخرج القدير كمال بن وناس من تونس، والحاصل على الجائزة الكبرى فى مسابقة الشريط الوثائقى القصير من المهرجان عن فيلمة «المحاكمة»، وقد حضر بصحبة المنتج التونسى مجدى الحسينى، الذى شارك بفيلم «سفاح نابولى» الفائز بجائزة أحسن أداء نسائى للممثلة «ميساء ساسى»، والعمل مأخوذ عن قصة حقيقية لآخر من تم إعدامه فى تلك النوعية من الجرائم بتونس، حيث جسد بطل العمل شخصية سفاح أطفال قتل أكثر من 12 طفلا ودفنهم فى بيته، كذلك حضر كل من الناقد العراقى والمخرج ليث عبدالأمير، عضو لجنة تحكيم المسابقة الرسمية.
كانت الجلسة فى محطة الترانزيت شبه عربية، حتى وصلت المخرجة المخرجة «غولنارا سارسينوفا» (كازاخستان) وهى صاحبة فيلم «ناراتانى»، الذى شارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان التى ضمت 12 فيلما، وقد حصلت على جائزة أفضل إخراج هذه الدورة، وكذلك انضم إليها فى الجلسة خبيرة مؤسسة المرصد السمعى البصرى بجيبوتى «سعاد حسن»، والممثل الإيطالى «اغنازيو أوليفا»، والممثلة السنغالية «زينة ديوب» رئيس مهرجان داكار السينمائى، وهم من أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان، بالإضافة إلى عبد الرحمن التازى رئيس اللجنة، ليتحول مجرى الكلام من اللغة العربية إلى الإنجليزية، ويدور نقاش حول تلك المنطقة الجديدة بالنسبة لهم، شلالات أوزود، وقاطنيها! وكيف تصل السينما إلى هؤلاء الناس حراس الطبيعة.
لحظة الافتتاح
ساعات وكنا فى قلب المنطقة البديعة التى تقع وسط جبال منطقة أوزود المعروفة بشلالاتها الفريدة، عيناك لا تجد سوى جبال تكسوها الخضرة من كل مكان، وأذنيك لا تسمع سوى خرير تلك الشلالات البديعة، إنها فعلا منطقة تستحق الاهتمام وتسليط الضوء عليها، ولا يوجد أفضل من السينما التى كانت وستظل دائما رسولا بين الدول بلغتها الساحرة لغة الصورة لتنقل إلى العالم جمال هذه المنطقة، وهو غرض أساسى من أغراض مهرجان سينما الجبل، الترويج لتلك المنطقة وجمالها الأخاذ.
من باريس جاءت الإعلامية المغربية البارزة بشرى مازية، كى تعلن عن انطلاق النسخة الأولى من المهرجان الذى كرم فى حفل افتتاحه مجموعة من المبدعين على رأسهم المخرج والمنتج المغربى سهيل بن بركة، والمخرج الفرنسى وليفييه لوستو، والمخرج السنغالى امادو تيور، والفنان المغربى محمد خيى صاحب الجماهيرية الكبيرة التى اتضحت فى لحظة تكريمه، كذلك كرم المهرجان الناشط الاجتماعى والخبير السياحى سعيد مرغادى ابن منطقة خنيفرة.
كان تفاعل الجمهور مع حفل الافتتاح هو البطل الرئيسى للحكاية، فأنت أمام جمهور يحترم الصورة ويقدر صناعتها وصناعها، وهذا ما أكدته بهيجة سيمو رئيس المهرجان ورئيس مؤسسة صوت الجبل للتراث والتنمية المستدامة عندما قالت فى كلمتها إلى أبناء عمومتها ومنطقتها التى أنشئت من أجله المهرجان (احمرتم وجهى) وقد صدقت سيمو فى كلمتها، فقد كان حضور الجمهور كبيرا والتزامه كان أهم ما يميزه.
تنافس فى المهرجان 12 فيلما روائيا، ستة منها فى قائمة الأفلام الطويلة وهى: «نارتائى» للمخرجة غولنارا سارسينوفا (كازاخستان)، و»رعاة صغار» للمخرج يوهان غينيارد (فرنسا)، و»الجبال الثمانية» للمخرجين فليكس فان كرونينن (إيطاليا) وشارلوت فانديرميرش (بلجيكا)، و»سفاح نابل» للمخرج كريم بنرحومة (تونس)، و»جبل موسى» للمخرج إدريس المرينى (المغرب)، و»أيام الرصاص» للمخرج أيمن زيدان (سوريا).
وضمت قائمة الأفلام القصيرة ستة أفلام من عدة دول هى: «لقاء الروح» للمخرجة كوثر بنجلون (المغرب)، و»اركسترا الطبيعة» للمخرج تيو ريلكوف (هولندا)، و»الاختيار» للمخرج عبد المولى الهادى (البرتغال)، و»المحاكمة» للمخرج كمال بنوناس (تونس)، و»ذاكرة للنسيان» الهوارى غبارى (المغرب) وفيلم «نشيد الخطيئة» للمخرج خالد معدور (المغرب).
بالنسبة للنقاشات والندوات فقد كان جدول أيام المهرجان مليئا، وأشرف عليه النشيط عثمان اشقرا المندوب العام للمهرجان، وشملت الندوات مناقشات حول علاقة المهرجانات السينمائية بالسلطات التنفيذية، وكيفية تذليل العقبات لصناع السينما كى يقدموا تلك المواقع البديعة فى أعمالهم ويحاولوا الترويج لها، بحيث تكون تلك المواقع نواة جذب لصناع السينما وتصبح شريانا اقتصاديا للبلاد.
الجلسة الختامية شارك فيها جموع المدعوين ولجنة التحكيم، وخرجت مجموعة من التوصيات التى تبنتها بهيجة سيمو رئيسة المهرجان ووعدت بتنفيذها، وأعلنت ذلك فى حفل الختام، وكان من ضمن تلك التوصيات إنشاء دار عرض لأبناء المنطقة وكذلك نادى للسينما تستمر فعالياته طوال السنة، والتنسيق مع الجامعات المغربية لعمل ماستر كلاس وورش سينمائية للطلاب، أملا فى أن يتحول أبناء تلك المنطقة بعد فترة إلى صناع سينما يعبرون هم بمفرداتهم الخاصة عن مناطقهم وطقوسها وأحلامها أيضا.
حفل الختام والزلزال
على مدار ساعتين قضاها أهالى منطقة شلالات أوزود بين الاستماع إلى الموسيقى الأمازيغية التى قدمتها مجموعة فرق موسيقية مغربية فى حفل الختام وبين لقائهم مع أحبائهم من فنانى المغرب المعروفين، وكذلك باقة الأمل الجديدة التى وعدت بها بهيجة سيمو لأهالى المنطقة أمام المسئولين وجميع الحضور، نفس هذا الحضور والتلاحم لهؤلاء الناس لمسناه بعدها بساعة تقريبا فور حدوث الزلزال الكارثى الذى اجتاح المغرب الشقيق بالكامل، فقد امتلأت الشوارع بالناس وهم كلهم يد واحدة لتقديم المساعدات لكل محتاج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى