فرج الربايعى .. عبد الناصر أدمج البدو فى الحياة المدنية
للقبائل العربية فى مصر تاريخ طويل، فبعضها جاء مع الفتح الإسلامى لمصر، وبعضها جاء من المغرب العربى، من ليبيا وتونس والمغرب، ويعيشون حالياً فى جميع محافظات الجمهورية، وليس فى سيناء أو مرسى مطروح وحدهما، كما يعتقد البعض، حيث تبلغ أعداد قبائلهم فى مصر 55 قبيلة، ويقدر البعض أعداد البدو فى مصر بـ 20 مليون نسمة، ما بين قبائل المغاربة وقبائل المشارقة، كما يصنفون أنفسهم وفقاً للبلاد التى جاءوا منها. "فراج الربايعى" ابن قبيلة "الربايع" ومساعد رئيس المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية، هو ضيف السطور التالية، حيث حاورته "الإذاعة والتليفزيون" ليلقى لنا الضوء على حياة أهل البدو، خاصة بعد انخراط معظمهم فى حياة المدن.
فى البداية.. عرفنا بقبيلة “الربايع”؟
هى قبيلة قديمة جدا فى مصر، ومنتشرة من محافظة أسوان إلى مدينة السلوم، وأبناؤها يعيشون فى الصحراء ويعملون فى رعى الأغنام، ويطلقون على ذلك “السعى”، فحياتهم بدائية جداً، بلا راديو أو تليفزيون ولا تعليم أو حتى شهادة ميلاد أو تجنيد، حتى قامت ثورة يوليو عام 1952، ووقتها قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بفتح حوار مع القبائل العربية لدفعهم للاختلاط بالمجتمع المصرى، وبالفعل بدأ انخراطهم فى حياة المدن، من خلال التجارة وتبادل السلع، وأهم السلع التى تاجروا بها كانت مشتقات الدخان، مثل السجائر والمعسل ومشتقاتهما.
ما هو تاريخ القبائل العربية بمصر، وكم عددها؟
يرجع تاريخ تواجد هذه القبائل فى مصر إلى الفتح الإسلامى على يد عمرو بن العاص، فجميع القبائل العربية مسلمون، فضلاً عما جاء مع الشيخ السنوسى إلى مصر وقت حرب ليبيا مع إيطاليا فى فترة المجاهد عمر المختار، وقد يصل عدد البدو فى مصر إلى 20 مليون نسمة فى جميع أنحاء الجمهورية، والقبائل العربية نوعان، وهما عرب المغاربة الذين أتوا من المغرب العربى، من تونس وليبيا والجزائر وتشاد والنيجر، وهم منتشرون فى جميع أنحاء الجمهورية، لأنهم مختلطون بأهل المدن، ويتوزعون فى أكثر من 30 قبيلة تقريبا، أما النوع الثانى فيسمى بقبائل المشارقة، وهم القادمون من دول المشرق العربى مثل سوريا والأردن والكويت، وأغلب تواجدهم فى محافظات السويس والشرقية وسيناء، ولايزال أغلبهم يمارس مهنة الرعى ويعيش فى الصحراء، وقد تصل أعداد قبائلهم إلى ما يقرب من 25 قبيلة، وجميعها من القبائل العربية، ولا يفرقهم سوى بلد المهجر الذى قدموا منه.
وهل لهذه القبائل امتداد قائم فى الدول العربية؟
بالطبع، وأنا بحكم منصبى فى مصر كمساعد لرئيس المجلس المصرى للقبائل المصرية والعربية، أتفاعل مع جميع قبائلنا فى شتى الدول العربية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى التى لعبت دوراً مهماً فى جمع ولم شملنا.
كيف يتم اختيار شيخ القبيلة؟
شيخ القبيلة بمثابة الكبير، فهو الحاكم والقاضى، ويتم اختياره بناء على الأكبر سناً والأكثر معرفة، لأنه يمثل القيمة والقامة.
لكن عادات وتقاليد القبائل تغيرت فى العصر الحديث؟
مما لاشك فيه أن هناك انفتاحا أكثر مما مضى، ويتمثل فى الحرص على تعليم الأبناء فى المدارس، بل والحرص على وصولهم لأكبر المناصب، والحرص على تواجدهم فى المجتمعات المدنية بالعواصم والمدن، لكن العادات والتقاليد تغيرت بشكل طفيف جداً.
لكنكم لا تتزوجون إلا من بعضكم البعض.. فالبدوية لا تتزوج إلا من بدوى مثلاً؟
نعم.. البدوية لا تتزوج إلا من بدوى، لكن البدوى يتزوج غير البدوية إن أراد، بشرط أن تقبل عروسه الحياة وسط أهله، حتى ولو كانوا يعيشون فى الصحراء، لكن الأفضل للبدوى أن يتزوج من ابنة عمه أو من بدوية أخرى، لأن هذه عادات وتقاليد من الصعب تغييرها.
وما أبرز طقوس الزواج البدوى؟
فى الماضى، كان العرس ينعقد فى وقت الظهيرة، تأتى العروس مرتدية ملابس العرس، هى عباءة بيضاء، وتضع فوق رأسها ووجها قطعة قماش حمراء، وفى وجود جميع أهل القبائل وشيخ القبيلة، تقف العروس فوق صخرة كبيرة، ويقف عريس بجانبها، تقول العروس بصوت عال: “أنا واقفت على الحجر وأعلم يارب القدر أننى قبلت هذا الدكر على سنة الله ورسوله”.. فيرد عليها العريس قائلاً: “يارب أنا أقف فى الوطاء واعلم يارب العلاه أننى قبلت هذه النتاه على سنة الله ورسوله”.. ثم يحمل العريس العروس ويدخل بها للخيمة التى يسميها البدو “الخيشة”، ولا يحضر والد العروس العرس كحياء منه لوجود رجل مع ابنته، بالرغم من أنه زواج شرعى، لكنه حياء العرب، فلا يرى والد العروس ابنته إلا بعد مرور 40 يوما، لكن والدتها وأشقاءها يذهبون إليها فى اليوم التالى من السادسة صباحاً.
هل تفتخر القبائل العربية بكلمة “بدوى” أم يعتبرونها سبة ؟
على الإطلاق.. نحن نفتخر بكلمة “بدوى” بالرغم من المناصب التى قد يتقلدها البدوى فى العديد من المجالات، ومهما علا شأن البدوى، فهو لا يخجل من أصله أبداً.
ومن هم البدو المنتشرون فى المدن الجديدة الذين يطلقون عليهم “العرب”؟
فى مدينة أكتوبر هم عرب المغاربة، أما فى التجمع الخامس فهم عرب المشارقة، وهم من القبائل التى كانت تسكن هذه المدن منذ أن كانت صحراء، لكن التوسعات العمرانية عزت الصحراء، فتقبلوا الأمر وغيروا من مهنتهم الأصلية فى رعى الأغنام إلى المشاركة فى أعمال التعمير والبناء، كتوفير الخدمات للعاملين مثل الرمال ونقل المياه وأية أعمال تتعلق بالبناء والتعمير، وذلك للارتقاء بالمستوى المعيشى، وكنوع من تقبل الوضع الراهن فى تعمير الدولة، بل تحول معظمهم إلى مقاولين كبار.
ما القيم البدوية التى تتمنى لها أن تنتشر فى المجتمع المصرى؟
احترام الكبير، ففى القبائل إلى الآن يقف الصغير احتراما للكبير ويقبل يده، على الرغم أن بعض المشايخ فى القبائل قد يكونوا غير متعلمين، لكن احترامهم واجب، مهما تقلد البدوى من مناصب أو درجات تعليمية رفيعة، ومن القيم البدوية الأصيلة أيضاً التكاتف بين الأسرة، فيلتف الجميع حول الآباء والأعمام والأخوال، أما العيوب فتتلخص فى رفض بعض القبائل للانفتاح أو الانخراط بشكل أكبر فى المجتمعات المدنية، فلايزال البدوى غير متفاعل مجتمعياً مع الآخرين.
ما هى أبرز المشكلات التى تواجهها القبائل العربية؟
أغلب مشكلات البدو والقبائل تم حلها بعد انخراطهم فى المجتمعات، وأصبح منهم الطبيب والضابط والمهندس والمدرس والمقاول، حتى أزمة التعليم تخطوها، فلا يوجد بدوى الآن إلا ويهتم بتعليم أبنائه، وكذلك جميعهم يحملون بطاقة رقم قومى، ويتم تجنيدهم فى الجيش لخدمة وطنهم.