مجتمع

الفلفل والشطةسلاح الفتيات لمواجهة المتحرشين

"التحرش الجنسى" سلوك مستهجن، ينهى عنه الدين، ويعاقب عليه القانون، لكنه انتشر فجأة فى مجتمعنا صاحب القيم والعادات الأصيلة؛ فما السبب فى ذلك؟. الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر أجاب عن هذا السؤال مؤكداً أن دور التربية للجنسين مهم جداً، وقال: إن الفتيات خجولات بطبعهن، ولا يحببن أن يصرحن بما وقع عليهن من تحرش، وهذا بالطبع يدفع الرجال فى مجتمعنا الذكورى أن يأمنوا العقاب، لكن «مبروك» استنكر أن يكون خجل الفتيات سبباً فى عقاب المتحرش، قائلاً إن الفضيحة للمتحرش وليست للفتاة المتحرش بها.

Post Visitors:57

 

 

قال مبروك: إن هناك واقعتين فى التاريخ الدينى فى هذا الصدد يمكننا أن نتعلم منهما، الأولى خاصة بـ “أسماء ابنة أبو بكر الصديق”، فقد كانت ذاهبة إلى السوق لتشترى سكينا، وقد بلغت من العمر أرذله، وعندما سألوها لماذا تشترى هذا السكين الكبير الذى لا يقدر على حمله إلا الشباب، أجابت: “ألم تعلموا بأن اللصوص ملأوا المدينة”، وهكذا كانت السيدة الكريمة تدافع عن نفسها ،وهى فى سن قريبة من المائة.. أما الواقعة الأخرى الحادثة فخاصة بأم خالد زوجة عكرمة بن أبى جهل، وقد أسلمت هى وزوجها، وفر هو إلى اليمن خوفا من مشركى مكة، فذهبت لتبحث عنه بصحبة عبد لها، وفى الطريق من مكة إلى اليمن جلست فى مكان للراحة، وراودها هذا العبد عن نفسها فأوهمته بالموافقة، وعندما هم بخلع ملابسه أخذت سيفه وقتلته فى الحال، وهذا ليس تشجيعا على القتل، إنما تشجيع على استخدام الحق فى الدفاع عن النفس، فلو أخرجت كل البنات صوتهن “كزئير الأسد” لهربت الكلاب ـ كما قال مبروك ـ الذى طالب الفتاة بأن ترد على الكلمة بأسوأ منها، وبصوت عال، وأمام الجميع فى الشارع.
ويبدو أن رأى الدكتور مبروك عطية يتفق معه الجميع، حيث بدأت حملات على مواقع التواصل الاجتماعى لتشجيع الفتيات على الدفاع عن أنفسهن، وبعضها يشجعهن حتى على حمل السلاح، بداية من الإبرة التى يصل طولها إلى 30 سم إلى الصاعق الكهربائى الذى تبلغ قوته ما بين 250إلى ألف فولت، وحسب قوة الصاعق قد يسبب حالة شلل مؤقتة للشخص المتحرش تبعده لدقائق، كما روجت مواقع التواصل لاستخدام بخاخ “السيلف ديفينس” الذى يسبب عمى مؤقتا للمتحرش يصل لمدة نصف ساعة، ونظرا لارتفاع أسعار هذه الوسائل الدفاعية، كانت الشطة بالفلفل الحارق المخفوقة فى الخلاط وسيلة مناسبة للدفاع عن النفس، وفى نفس الوقت غير مكلفة ومضمون نتائجها.. وأوصت بعض الآراء على مواقع التواصل الاجتماعى باستعمال العنف فى مناطق الضعف للمتحرش، مثل الضرب فى الحنجرة أو أسفل العينين بأية آلة حادة، ومن الممكن أن تكون ميدالية المفاتيح أو كشكول سلك، أو بشنطة اليد، إذا لم تتوفر وسائل الدفاع الأخرى.
وتداولت بعض الآراء نقاشاً حول ضرورة تعديل القانون المقيد لحالات القتل إلا فى حالة الدفاع عن النفس من خطر حقيقى يهددها، وهو حق مكفول قانونا للجميع لكن تطبيقه صعب، وهذا ما أكدته المحامية الحقوقية “نهاد أبو القمصان” لكونه محاطا ببعض الضوابط القانونية، فالدفاع يجب ألا يتجاوز فعل الاعتداء، كما لا يجب استخدام سلاح لرد اعتداء من شخص يستخدم يده، وفى حالة الدفاع يجب وقف العنف فورا إذا توقف فعل الاعتداء، كما لا يجب استخدام أى سلاح للضرب فى مقتل، خاصة فى حال إذا كانت هناك وسيلة ممكنة لرد الاعتداء دون القتل.
وقالت أبو القمصان إن هناك تناقضاً فى المادة 246 من قانون العقوبات، فهى تبيح لكل شخص الحق فى استعمال القوة اللازمة لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس، كالقتل والجرح والضرب الذى يفضى إلى عاهة مستديمة أو الاختطاف والاغتصاب، كما تنص المادة 245 من قانون العقوبات على عدم وجود أية عقوبة مطلقا على من قتل غيره أو أصابه بجراح أثناء استعمال حق الدفاع الشرعى عن نفسه أو ماله أو عرضه، ورغم أن الأسلحة التى تستخدمها الفتيات تباع على الأرصفة من صاعق أو رذاذ الشطة والفلفل، وهى الشائعة كوسيلة للدفاع ضد التحرش، إلا أنها من الوسائل التى يجرمها القانون رقم 58 لسنة 1994، حيث تم إدراجها ضمن الأسلحة التى يجرمها قانون الأسلحة، ويعاقب حاملها بالحبس مدة لا تزيد على شهر وغرامة ألف جنيه، حيث اعتبرها القانون ضمن الأسلحة البيضاء المدرجة بالجدول رقم واحد، مما يستوجب على المشرع إعادة النظر فى عقوبات قضايا التحرش، فالبنت فى حال الدفاع عن نفسها قد تجد نفسها متهمة فى قضية حيازة أسلحة بيضاء بدون ترخيص.
“الشباب سمعته أصبحت فى الطين”.. هكذا قال شاب رفض ذكر اسمه، لافتاً إلى أنه صار يضع عينيه فى الأرض أثناء السير فى الطريق خوفاً من أن يتهم بالتحرش بالنظر، نافياً أن يكون الأمر كما تصوره مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، فالقضية المثارة حالياً لشاب من طبقة معينة ويتعامل مع فتيات من نفس الطبقة، أما فى الشارع فالموضوع يختلف، الشارع ليس كذلك، ودلل الشاب على منطقة عمله بالتجمع الخامس، حيث لا يوجد حالات تحرش على الإطلاق، لأن الشاب سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم على التحرش بفتاة، فالكاميرات معلقة فى كل مكان، وهو فى النهاية لا يعرف رد فعل الفتيات فى مثل هذه المنطقة، وعلى سبيل المثال تعرض شاب لضرب مبرح من فتاة مدربة على “الفنون القتالية” فى نفس المنطقة، حيث نجحت فى شل حركته حتى جاءت الشرطة وألقت القبض عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى