صورة

بائع فخار.. وافتخر

«القُلة والطاجن والزير» ثلاثة منتجات مصرية حتى النخاع، حيث كان النيل يفيض بالطمى الذى يصنع منه المصريون أوانيهم الفخارية، وربما لا يعرف «محمود عبدالمنعم» بائع الأوانى الفخارية فى منطقة «أبى رواش» بالجيزة ذلك، لكنه يتصرف كما لو كان مصرياً قديماً بحكم جيناته الموروثة، ففى فصل الصيف يتجول بالشوارع منادياً على أوانيه الفخارية، قائلاً إن المصريين لا يزالون يحبون شرب الماء من القلة الفخارية حتى الآن، ويرون أنها أفضل من المبردات والثلاجات الكهربائية.

Post Visitors:224

تحدث «محمود عبدالمنعم» عن تجارته فى الأوانى الفخارية قائلاً: «أعمل منذ سنوات فى تلك التجارة، لأن من فات تاريخه تاه، وبالرغم من انتشار الثلاجات الكهربائية فى المنازل، إلا أن البعض ما زالوا يستخدمون القلة والزير البلدى فى شرب المياه، خاصة فى الصيف، لأنها بمثابة فلتر للمياه وصحية، وبعض الأطباء ينصحون بشرب المياه من القُلة». وأضاف «محمود عبدالمنعم» قائلاً: «فى القرى والنجوع يقبل الأهالى على شراء القلل والزير البلدى، وهناك بعض الأعيان الذين يعيشون فى منازل فخمة يحرصون كل صيف على شراء الأوانى الفخارية، والسيدات كذلك يحرصن على شراء الطواجن الفخارية بهدف الطهى، لما تتمتع بها من مزايا صحية تجعلها أفضل من الأوانى الألومنيوم، فالطعام فى الأوانى الفخارية يحتفظ بقيمته الغذائية لساعات طويلة».
وعن أسعار الأوانى الفخارية، قال «محمود عبدالمنعم»: «القلة القناوى بـ 10 جنيهات، وهى من أفضل الأنواع، لما تتميز به من كثافة الفخار، أما القلة البلدى فأبيعها بـ 7 جنيهات، والزير يبدأ من 40 جنيهاً، وهو صغير الحجم، ويصل لـ70 جنيهاً مع الأحجام الكبيرة، وبالنسبة للطواجن فهى أحجام وأنواع، منها الكبير بـ 30 جنيهاً لطهى الطعام واللحوم، ومنها الصغير بـ 20 جنيهاً لإعداد البيض والزبادى، أما البلاص الذى يستخدم فى تخزين العسل الأسود والجبن الفلاحى فسعره 20 جنيهاً، وهو من أكثر الأنواع الفخارية التى يقبل الناس على شرائها فى القرى والأقاليم».
يتمسك «محمود عبدالمنعم» بهذه المهنة التى يحبها، على الرغم من انخفاض دخلها المادى، حيث قال: «بعض الناس يعملون فى مهن قديمة انقرضت، ليس بهدف الربح المادى، وإنما بغرض التمسك بالمهنة وعدم التفريط فيها، لأن من فات تاريخه تاه، والدليل على ذلك أن هناك من يعمل فى تصليح (وابور الجاز) رغم انقراضه وظهور البوتاجاز، وهناك من يعمل (مكوجى رجل) رغم انتشار المكواة البخار، وهكذا».
ومن أبرز الصعاب التى يواجهها «عبدالمنعم» فى تلك المهنة، هى معاناته فى توفير العمالة لإنتاج الأوانى الفخارية، لأنها تحتاج إلى الخبرة والحرفية، خاصة فى عجن الطين الأحمر، حتى يخرج بالأشكال الجميلة التى لا ينساها المصريون أبداً على مر الأجيال.

زر الذهاب إلى الأعلى